الاتصال اللّغويّ وصراع الهوية في إفريقيا العربيّة: جنوب السّودان نموذجًا
د. محمود قلندر*
ملخص البحث
يرمي هذا المقال إلى قراءة مشكل جنوب السودان من منظور اجتماعي يأخذ الاتصال بوصفه قاعدةً أساسيةً لفهم الأحداث وتداعياتها، وتقديم التفسير التاريخي لتطور العلاقات الشمالية الجنوبية في اتجاه التعقد والصراع. فالحالة السودانية لانفصال الجنوب، تمثل نموذجًا لما يمكن أن تقود إليه حالة غياب الاتصال على المستوي الاجتماعي. ويطرح المقال غياب الاتصال الاجتماعي، والذي يفضي إلى التنافر الثقافي، بوصفه سببًا للصراع بين الشمال والجنوب بدأ منذ أكثر منذ ستة عقود من الزمان وتصاعد حتى حالة الانفصال في يوليو 2011م.
ويعتمد المقال على أساس نظري يبسط مفاهيم اتصالية تتعلق بدور الاتصال ومكانته في لحم النسيج الاجتماعي في المجتمعات البشرية، وفي هذا الصدد تستدعي الورقة نظريات علم الاجتماع ذات الصلة بتكوين الجماعات ونموها، والنظريات ذات الصلة بتطور العلاقات بين الجماعات المشَكِّلة للمجتمع. كما تقوم باستقراء المفاهيم المتعلقة بالصراع بوصفه فعلاً اجتماعيًّا يستمد وجوده من واقع ديناميكية الجماعة بوصفها وحدةً اجتماعيّةً أساسيّةً.
يعتمد المقال على المنهج الاستقرائي – الذي يسمح باستخراج الحقائق التاريخية وتصنيفها – لتحليل واقع العلاقات الاجتماعية بين شمال وجنوب السودان خلال عدة مراحل تاريخية منذ العهد الاستعماري البريطاني، مرورًا بالفترات السياسية المتباينة خلال الحكم المستقل. وتنهج الورقة نهجًا تحليليًّا يستند على معالجة أحداث الفترات التاريخية المختلفة من زاوية وقوعها في مجال الفعل السياسي و الاجتماعي الإيجابي أو الفعل السلبي.
* أستاذ مشارك في قسم الإعلام – جامعة قطر.